tiger مشرف
عدد الرسائل : 638 العمر : 91 المزاج : على الجو تاريخ التسجيل : 23/11/2008
| موضوع: لمُنتظر الزيدي.. شكرا لحزنك الجميل ولغضبك النبيل../ يونس العموري الأربعاء ديسمبر 17, 2008 3:21 pm | |
| هي بغداد من جديد المُنتظرة لمُنتظر.... وهي لحظة تاريخية لها كل الدلالات بأن يكون الحدث في عاصمة الرشيد.. لوداع من أتى مودعا لدجلة الباكية ليلها والشاكية نهارها... هو رجل من رجال العراق قال كلمته ومضى بحضرة العالم ليشهد البشر أن بغداد ستظل العصية على نيرونها، ولن تحترق بنيران حقده الأعمى على حاضنة التاريخ وصانعة حضارة الإنسان، وملهمة لغة الضاد واللغة ونقش الحرف الأول...
وهو الرد البليغ على من عبروا تاريخ المنطقة بإحتراف صناعة القتل والتعذيب وسادية من يسمى مجازا انسانا يتربع على عرش البيت الأبيض... هو المزج الانساني الرفيع بحضرة بشاعة القتل والتقتيل... وهو من صرخ بوجه الشيطان، وان كان من خلال الحذاء الذي حتما قد صار رمزا مقذوفا بوجه سيد بلاد العم سام... وهو من قال لا بوجهه وبوجه من يحاول تزوير تاريخ العراق... وهو من يعلم الانسان تمزيق العدم بلا استكانة او خنوع في ظل رويبضات العصر... وهو من أعطى للتاريخ درسا بكيفية الرفض والتعبير بصخب المشاغب الجميل، عن ماهية الرفض المطلق لهذا المتسلل تحت جنح الليل الى بغداد...
هو منتظر ابن الزيدي وقد جاء من عبق تاريخ ابو زيد الهلالي حينما تمترس خلف الرفض في مصالحة القاتل والمعتدي على عرشه، رافضا مناشدات القبائل المرتدة عن مزامير عروبتها... ومن يمارس صراخه باسم كل القبضات الملوحة والمقاومة والقابضة على الجمر والنار، والتي نهضت واستنهضت ذاتها من بين الركام، ومن مسح عن وجهه سخام أدخنة الحرائق، ومن يكتب التاريخ بحروف مسمارية كما تعلمها منذ الالاف السنين عند شط العرب، في ظل إلتقاء الفرات العظيم بدجلة الحالمة العاشقة لإنسانها والوفية لتاريخ من يعبر المكان معمرا لا مدمرا...
هو ابن العراق اولا وقبل ان يكون الصحافي المهني المطلوب ان يراعي اخلاقيات فنون الكتابة والإمساك بأطراف الأقلام... وهو من شهد مشهد الإعدام بيوم الحج الأكبر... وقبلها لدبابة اقتحمت ساحة الحلم بميدان الحرية بوسط البغداد واعطت الأوامر لقذف الأحذية حينما آتها الأمر من سدنة البيت الأبيض وكان لبوش الكثير من الكلام حينها... واليوم يسدد الحساب ويمنحه وسام بغداد من درجة الحذاء المقذوف بوجه من أعطى الأمر بأن يعلو علمهم في سماء بغداد ليتمرغ هذا العلم اليوم وبذات المكان بجزر المنطقة الخضراء على شاطىء دجلة الجميلة المغتصبة بكل اللحظات بالصبح والمساء... مُنتظر قال ما قال باسم كل أطفال الحياة والتواقين لأن يحيوا فوق الأرض أعزاء ببغدادهم ناطقين باسمائهم معبرين عن أحلامهم يجوبون شوارعهم دون وجل أو خوف يلعبون بحواريهم...
هو من نطق باسم ملايين العرب وحتى هؤلاء العجم وعبر عن موقف اللحظة... ومن أعاد للمنطق توزاناته بأن لا يتصالح السكين مع الشاة المذبوحة.. وهو العالم والعارف بخبايا معادلة الحرب على عراقه الأبي... وهو المفكك لمعادلة الرفض ببساطة الأشياء... ومن ينفذ وصايا الأنبياء ومن يحاول ان يسطر ملحمة جلجامشية... ومن تعلم في مدرسة سبارتاكوس ذاك المتمرد على سادة معابد الشياطين...
فقد جاء سيد أمريكا مودعا أرض بغداد بعد عاث بها فسادا داعيا الى الترحم لضحايا جيوشه الغازية مستكبرا متناسيا قتلى مئات الوف المنسيين على طرقات القتل... جاء ليشرعن فعل الاحتلال... ممهورا بتواقيع سادة العراق الجدد دون أن يهتز لهم جفن وهم يستمعون لكلام هولاكو العالم.. فكان أن انتظر منتظر حتى جاء تلك اللحظة التاريخية ليلقنه الدرس الأعظم بوداع الشعوب....
فكم كان حملك ثقيلا ويكاد أن يكون مليئا بكل أفعال الهم والغم والقتل والتقتيل والصراخ، وأنت من تنقل الأقاصيص والحكايا... لتشهد بأم عينيك كيف تُغتصبت مدينة مدائن ما بين النهرين....
والحكاية تبدأ منذ ان شهدنا سقوط أخلاقنا وقيمنا وأصبحنا كمن يتوسل ويستجدي سادة العصر الجديد وأمراء المنابر وملوك الإقطاعيات بوطن يأن تحت ضربات ذوي القربى اكثر... وكانت لنا وقفات خزي وعار حينما صار العراق وفلسطين عنوانا لممارسة فن العهر السياسي السلطوي... وكنا أن ركعنا سجدا ركعا لمن يأتي مجددا مهللا مكبرا بالفتح الجديد... وكنا ان شهدنا سقوط اقنعتنا وزيفنا حينما دوسنا كوفية ظلت لعشرات السنين متألقة متباهية على الرؤوس.... وصرنا حراسا للقبور... ولوردة حمراء تحاول ان تنمو وسط خراب البساتين...
فيا مُنتظر ابن الزيدي ان كنت حيا بسجن او كنت حيا بقبر... اسمح لنا أن نقول لك شكرا... على ردك البليغ على اتفاقية شرعنة الأساطيل الغازية لأرض النخيل.... وشكرا لحزنك الجميل ولغضبك النبيل.... وشكرا لأنك قد أجبرت التاريخ أن يسطر نهاية بوش بهذا الشكل.....
|
|
| |
|